إذا أردت أن تكون مشهوراً فكن تافهاً ، لا تقع ضحية المثالية المفرطة وتعتقد بأن قول الحقيقة سوف يقرّبك من الناس ، الناس تحبّ وتكافئ من يستطيع تخديرها بالأوهام ، فمنذ القدم والبشرية لا تعاقب إلاّ من يقول الحقيقة.

 إذا أردت البقاء مع الناس شاركها أوهامها ، الحقيقة يقولها من يرغبون في الرحيل قالها "نتشيه" لأنه غير مسلم ولا يعرف كم النفاق مكروه وليس من ديننا ، قبل أيام قرأت منشوراً في إحدى الصفحات على الفيس بوك التي عدد مشتركيها 34 ألف مشترك يبارك للعشيرة الفلانية لا لفضيلة يتمتع بها أبناؤها ولا لأن أبناءها تفوقوا في البحث العلمي أو تبوؤا أبواب المعرفة أوأنهم أعانوا محتاجاً أو تكافلوا بينهم أو لانهم قاموا بعمل خيري جماعي بل لأن شباب هاتين القبيلتين ونحن نحترمهم وهم منا ونحن منهم والخؤولة والعمومة تربطنا معهم ، هنئوا شباب تلك القبيلتين لأن أبناءهم فازوا بمسابقة الجمال وهي صفات ربانية وليس فضيلة فلسفية لهم دخل فيها ، لم تكن هذه المسابقة إلا للغلمان في عهد الانحطاط الأخلاقي قبل الإسلام أو الجواري يعرضن بعد أن يتزين للبيع في سوق النخاسة ليتبارى بها التافهون للشراء ، أي تسطح فكري ؟! وأي تسفيف في الأمور ؟! في كل هذه المشاكل لم نجد إلا مسابقة الجمال الدخيلة من الغرب والتي أساسها للغلمان ، في العصور الوسطى كان لباس الحشمة لطبقة النبلاء والملوك ولا تلبس نساؤهم إلا ما يستر الجسد ، والعربي أكثر الناس غيرةً على وجه الأرض حيث كان يذبح الفرس التي تزف عروسه عليها خشية أن يجلس أحدهم مكانها .

 الإنحدار الأخلاقي تدريجياً بدأ يأتينا من الغرب ، الرجل الغربي إذا قلت له أرداف زوجتك أو صدرها جميل يقول لك شكراً كأنك قدمت له هدية لأنك مدحتها فأصبحت مسابقة الأرداف والصدور الجميلة والطول والعنق ووصلت أخيراً إلى جمال الأعضاء التناسلية والعياذ بالله ، إنها صناعة التخنيث

دخل رجل وامرأته على موسى بن إسحاق قاضي الأهواز فادعت المرأة أن لها على زوجها خمسمائة دينار مهراً وأنه لم يسلمه إياها وأنكر الزوج ادعاء زوجته عليه وأنه أدى لها مهرها فقال القاضي للزوج :- هات شهودك ليشيروا إليها في الشهادة فأحضر الزوج الشهود فاستدعى القاضي أحدهم وقال له :- أنظر إلى الزوجة وتأكد من معرفتك بها لتشير إليها في شهادتك فقام الشاهد لينظر وقال القاضي للزوجة :- قومي واكشفي عن وجهك ليتعرف عليك الشاهد فقال الزوج :- وماذا تريدون منها ؟ قال له القاضي :- لا بد أن ينظر الشاهد إلى امرأتك وهي سافرة كاشفة لوجهها لتصح معرفته بها إذ كيف يشهد على من لا يعرف ؟ فكره الزوج أن تكشف زوجته عن وجهها لرجل أجنبي عنها وقال للقاضي :- إني أشهد أن لزوجتي في ذمتي المهر الذي تدعيه ولا حاجة إلى أن تكشف وجهها أمام الرجال الأجانب ، فلما سمعت الزوجة ذلك أكبرت وأعظمت زوجها أنه يغار عليها ويصونها من أعين الناس فقالت للقاضي :- إني أشهدك أني قد وهبته هذا المهر وسامحته فيه وأبرأته منه في الدنيا والآخرة فقال القاضي :- اكتبوا هذا في مكارم الأخلاق ، هذه القصة مهداة إلى الأزواج الذين يأمرون زوجاتهم بالتبرج وخلع الحجاب وإلى الذين يتركون زوجاتهم متبرجات راضين بهن وما أكثرهن فأصبحت الحشمة اناقة مفقودة ، جردنا المرأة من كل قيمة الا من قيمة جسدها وحاولنا تقليدا للغرب أن ننزع عنها كل فضيلة وأصبح لأبنائنا قدوات وهميون هم قدوات غلماني الجمال ، ولو كانت المسألة بالشهرة فغسالات ( جونسونك) من اشهر الماركات وهي لا تغسل إلا أوساخ الناس ، يسلط الضوء الآن دونو أستاذ الفلسفة والعلوم السياسية بجامعة كيبيك الكندية على بقع مظلمة من العقل ويكشف عن مرحلة تاريخية غير مسبوقة يعيشها العالم تستشري فيها التفاهة والسطحية ويتوارى العقل النقدي ويعلو فيها صخب الرداءة والانحطاط فوق كل الأصوات مرحلة تهيمن عليها شريحة من التافهين والجاهلين ويهيمن عليها وهم ما يسمى بالكاريزما ، وتهمش فيها منظومة الفكر والقيم وتكمن الخطورة الحقيقية في كون هذه المهمة سهلة وممكنة التحقق بسلاسة ، مجرد مجوعة من التافهين تروج لتافه وتحوله إلى شخصية تافهة مرموقة ويكون نواة للتفاهة.



تم عمل هذا الموقع بواسطة