لم يكن من عادتي اليومية، بعد الزواج… أن أختلي بالمذياع أو المسجل  لأستمع  لأغاني الطرب القديمة ، التي رافقت كل منا أبناء الريف أيام كنا نسهر لأغنية يحبها محبوب أو سمعناه سوية كأصدقاء فاختزلت اللحظات وجمدت آنها لنشعر ببهجة تغمر أفئدتنا مع كل لحن لأغنية تحمل كلماتها الآصرة المشتركة روحياً مع من نحب بعمق  المعنى ، فهي تحلق مع الألحان بأبعاد روحية تغور في الاعماق و نحتضن الكلمات ونستشعر لذة الوقت مع بعض بأحلامنا الوردية ،  كان لأم كلثوم وسفينة أطلالها مدفع اليقظة للمشاعر وعبدالحليم… زي الهوى لنطير مع طيرانه… أو ورده الجزائرية أولاد الحلال… (أولاد الحرام) وكان للأغاني العراقية الريفية التي امتزجت مع روح العصر كما ومعنا وإيقاع بتكامل الثوافي الثلاث(الشاعر الغنائي زامل سعيد فتاح… والملحن… المعجزة  طالب القره غولي.. وصوت الأرض ياس خضر) بروائعهم  حن وآني احن والبنفسج… ويا حمد.. سهم الأسد في ذاكرتنا ووجدانها لجمال مفرداتها و ألحانها وتأثيرها المشيطن  الذي عفرت وأصاب  أعماق الروح فنهش طرباً لذلك ( شفتك حلم كل العمر يالوالمتني من الصغر ، شوقي الك ليل و سهر ، بيدر محنة يا صبر حن ياصبر ) هكذا كانت سفرتنا الليلة مع الأخ المرح المقدم الركن حازم الساير المعماري والأخ ابو صفاء الطيبة المتناهية علي الحسين أبو صفاء...(حنيتلك بالحلم… حن اعتبرها منه على الجفن) هكذا كان يردد الموسيقار العراقي المبدع الراحل (طالب القره غولي) أغنية ( حنيت الك بالحلم ) بمسجل سيارة الأخ حازم…

فعدت تلك الليلة… كما قال الجواهري: 

مرحباً يا أيها الأرق 

فرشت أنسا لك الحدق 

لك من عيني منطلق 

إذ عيون الناس تنطبق 

لك زاد عندي القلق 

واليراع النضر والورق 

ورؤى في حانة القدر 

عتقت خمراً لمعتصر 

أنا عندي من الأسى جبل 

يمشي معي وينتقل 

أنا عندي وأن خبى أمل 

جذوة في الفؤاد تشتعل 

إنما الفكر عارم بطل 

أبد الآبدين يقتتل … 

   لم تمر كلماتها عادية على مسامعنا ، حيث هيجت ألحانها وتقاسيم المقاطع بقايا تلك جمرات الشوق لأحبة رافقونا بهذه الحياة وجدانياً.. ، أمطرني عذوبه ذاك الشجي الهااااادئ الذي نفذ في كل مسامات جلدي أشعلني حنيناً أحسه شلال متدفق من اللذة.  فعمق الكلمات التي تعبر عن الحب و الحنين فاقت طاقتنا الوجدانية  ، فجأة توقفت اللحظات واجتمعت المحطات دفعه واحده أمامنا عياناً جعلنا نستشعر لأول مرة سكون كل شيء و قساوة الضجيج المنبعث من بيادر ومنافي الروح وهزل الغربة وصمت الوحدة عندها أدركت أن هذا القلب مجرد مستعمره للآخرين الذين استعمرونا بمحبتهم أو دخلوا هذه العضلة ذو الصحراء القاحلة من الوحدة و الشعور فاتحين ومحررين كعادة كل مستعمر بعد مضي سنوات من البعد الاختياري بالفكر ، فالقلب لا يسكنه سوى إلا نبضات من استعمره والتي تهب الحياة له ونبضات تناغمية من أجل حب الحياة، استماعي أللا مقصود لحنيتلك بالحلم أعادت تقاسيم الحانها التي كانت تدب في شراييني إلى زمنِ كنت  أحسبه مات وانتهى لم أدري أنه  معطيات الوفاء لأيام خلت ، فبقدر ما حبيت  ودعت ، و بقدر ما تمنيت سارت بنا مشاعرنا إلى درابين الصمت واللا عودة من قبل تحت مسميات عاطفية كانت تعني لنا الكثير وعندها توقفت عقارب الساعة 

أوجعتنا سماع الأغنية وهي تذكرنا بكل واحد إرتسم بمخيلتنا أي من الوجوه التي غابت مع الزمن ( عيونك مكاتيب وأغاني… ..) ويبدوا سريان نشوة سحر الموسيقى وصوت طالب القره غولي لم يأخذ نشوته من الأخ أبو صفاء فيقتحم مسامعنا بسؤال ربما لم أعي حروفه لشدة النشوه… 

فأجبه… انلصم… 

ثم يتوجه لحازم بمشاكسه أخرى بعد أن أتته اللكمة مني بكلمة انلصم.. فما يكون الجواب من حازم إلا أن يقول له:  انجب "… .فينجب شاكراً منى حسن الرفقة 

كلمات الأغنية… حنيتلك بالحلم أنا حنيت واريدك تحن

وتحسبها منه على الجفن

حنيت حنيت ااه يا جفن 


مرات ياخذني الهوى لأيامك الراحن واجن

شفتك حلم كل العمر 

يالوالمتني من الزغر 

شوقي الك ليل وسهر

بيدر محنه ياصبر

حن يـــا صبر 


عيونك مكاتيب واغاني

بكل فرحها بكل وداد 

أيام وسنين العمر

والروح غيمه وحدرت بر 

ما نزل يمها الندى 

ولا جاسها مره المطر 


سألوني عنك وانت يمي تعيش وتمنيت تنطيهم خبر

سألوني وأنت بين ألروح يا لمرتاح يالحسنك بدر

شفتك حلم كل العمر يالوالمتني من الزغر

شوقي الك ليل وسهر 

بيدر محنه ياصبر

حن يـــا صبر 


ضحكاتك تلاقي السوالف بالقلب

مابينها المر والصعب

والنظره منك لهفة المشتاق

من بعيد وظنون المحب

يوصلني منك كل عبير الفاح

ياقداح جايبلي خبر

ويغني عنك ناي منك جاي لعيون المحب

ما عطله شطوط وبحر 


شفتك حلم كل العمر يالوالمتني من الزغر

شوقي الك ليل وسهر

بيدر محنه ياصبر

حن يـــا صبر… 

استمع لرائعة

طالب القره غولي ...


تم عمل هذا الموقع بواسطة