كتبت زميلتي الاديبة السورية نصرة إبراهيم .. مقالها الأسبوعي بين قوسين فكان ردي لها:

هلا عدلت عن ذلك بدل بيع القلم ، هناك تجارة رابحة هي بيع الأحلام وكلما كانت الأحلام وردية الفلطنة كانت أغلى ثمناً… وحتماً وأنا متابع جيد لك إن أحلامك أحمر من دماء صيد الكسعي التي لم تتغذى إلا على الخزامى… والقرط والنفل… وبيع أحلام أديب كبير مثلك أكثر جدوى من بيع عقله… ألا ترين ندرة من يشتري العقول… .فهذه عقول المفكرين والأدباء في وطني الكبير مرمية بأرصفة الشوارع والمكتبات بثمن بخس… لكن تجارة الأحلام وبيعها لازالت تعج بالزبائن لأن زبائنها لصوص محترفة وأعدادها تزيد… .أرى أن تبيعي حلمك أفضل مما يسرق، فتصبحي بلا حلم ولا رأسمال… قرأت قصة في أيام مراهقة أحلامي هناك طفل أبوه مدرب خيل وهو متنقل يدرب الخيل للسباق للمترفين وهذه الحياة الغير مستقرة جعلت من هذا الصبي أن يحلم… أن يكون مثل المترفين… طلب مدرس التعبير من الفصل أن يكتب كل واحد منهم أحلامه بقصة مشوقة فكتب هذا الصبي حلمه مزرعة كبيرة يربي بيها خيول وتدرب الناس خيوله بدل والده… وعندما أعطى التعبير(الإنشاء) للمدرس أعطاه صفراً وقال حلمك غير واقعي ومكلف أبدله بحلم أكثر واقعية وممكن تنفيذه فأخذ الأوراق السبعة عشر فقال لأبيه ما حدث :

أجابه أبوه هذا حلمك لا تجعل أحد يسرقه منك… وفي اليوم التالي رجع الطالب فقال : أستاذ ابق درجة الصفر ولا تسرق حلمي وبعد عدة سنوات أصبح للطالب حقل وخيول لأنه دافع عن حلمه…

حراميي الأحلام هم أشد فتكاً من حرامي المال ، وهم في مرتبة متقدمة من حراميي أموال الوطن لأنهم ينشلون أيدام الزاد الذي يعيش عليه الناس الذي يؤتدم به وهم بارعي بتخدير الوعي يُسرق الوعي ويغيب عن الوجود تستبسط سرقة أي شيء وبيع أي شيء..

كانت أحلامنا تتصارع في كل زاوية من زوايا الوطن حتى ارتطمت بجدار سارقي الأحلام ! فسارقي الأحلام يعيشون بيننا ويحطمون ويسخرون من أحلامنا ويطفئون أي قنديل يُنيرُ طريقُنا أعجبتني أحلام مستغانمي بعباره لها ،، ( أحياناً نُعزي أنفُسنا بأن لصوص الوطن فقراء كرامة ،،،، ولكننا نكتشف يوماً بعد يوم بأن الكرامة بنك بدون سيولة  وكم هو مؤلم أن ترى أن من يمشي بالمقدمة هم مرتزقة المواقف وبائعي الكرامة ؟؟

بين قوسين.....للبيع)


لفت نظري في الفترة الأخيرة على صفحات الفيس بوك العامة والخاصة ظاهرة الإعلان عن بيع أغراض البيت :

- براد 10 قدم للبيع بسبب فراغه من الفواكه وعلب الدواء حتى من صحن القهوة الذي توضع فيه فحمة سرير أطفال للبيع يقول صاحب الإعلان بعد أن اشتريت السرير قبل عام قلت إن أنجبت طفلاً يكون السرير بانتظاره لكني عدلت عن الفكرة والسرير مازال يحتفظ بفخامة خشبه .

- فرن غاز للبيع أيضاً يقول صاحب الإعلان نفذ صبري وأنا أنتظر شهرين استبدال أسطوانة الغاز الفارغة وتكامل لم ترسل لي رسالة فقررت بيع الغاز وبم أن الصيف حل علينا قلت أطبخ باستخدام حرارة الشمس وهي صحية أكثر من الغاز وهمه وانتظاره  .

- كندرة من عهد ستي للبيع تقول صاحبة الإعلان لم يعد للكندرة لزوم كوني لا أحضر حفلات ولا أذهب إلى التسوق فماذا أفعل بالكندرة قررت بيعها ومازالت تحافظ على مسمار كعبها وكون مشواري لا يتجاوز حارتنا لا تاكلوا همي لدي شحاط بلاستيك أنتعله في الحارة .

- جدائل للبيع امرأة عرضت شعرها الطويل للبيع تقول: قررت بيع شعري ما الجدوى منه لم أعد أستطيع أن أشتري له الشامبو وحمام الزيت وقد يغزوه ( القمل  ) بعد قليل.

مازال يحافظ على رونقه حتى الآن من يشتري؟

ستائر ، مدفأة  ، تلفزيون ، قطة ، طاولة ، موبايل ، الخ كله للبيع  .

أصابتني عدوى إعلانات البيع ،ماذا سأبيع يا ترى !

نظرت حولي يمينا يساراً قلبت سريري مكتبتي وفتشت حقائبي وخزانتي لأعثر على ما أبيع  .

وجدت في إحدى جيوبي قلماً كنت أكتب فيه قبل ثلاثين عام وكان لحبره كما يقال (طنة ورنة) ترددت أبيع أو لا ، أمسكت بالقلم وقلت قبل بيعه سأكتب قصيدة موزونة الهندام أهجو بها ذاك الذي يمسح الجوخ ويأكل الخوخ ويرمي سهامه في ظهري ويدعي عظمة قامته الأدبية في الساحة الترابية  .

أمسكت القلم وبدأت .

كأن القلم جف حبره لم تتأثر الورقة بنقطة حبر واحدة فتراجعت عن فكرة البيع وما جدوى هذا القلم فقررت كسره ورميه من الشباك العالي ونمت أفكر ماذا أبيع يا ترى .

حين أشرقت الشمس نظرت إلى الورقة فرأيت الحبر يملؤها بالقصيدة التي وددت كتابتها نظرت من الشباك وحزنت حزناً شديداً على القلم وندمت ندامة الكسعي يا سادة  يا كرام أما عن الكسعي:

من حديث الكسعي أنه خرج يرعى إبله في واد .

فرأى قضيب شوحط نابتا في صخرة ملساء ، فقال نعم منبت العود في قرار الجلمود ، ثم أخذ سقاءه وصب ما فيه من الماء في أصله ،فشربه لشدة ظمائه ، جعل يتعهده بالماء سنة حتى سبط العود واعتدل.

فقطعه وجعل يقومه حتى صلح ، فبراه قوساً وبرى بقيته خمسة أسهم وخرج إلى مكمن كان مورد الحمر في الوادي ، فوارى شخصه حتى إذا وردت رمى عيراً منها بسهم فمرق  منه بعد نفذه وضرب صخرة فقدح منها ناراً ، فظن الكسعي أنه قد أخطأ .ثم وردت حمر أخرى فرمى عيراً ، فصنع سهمه كالأول ، فظنه أخطأ .

وهكذا رمى خمسة منها الواحدة بعد الأخرى وكل مرة يظن أن سهمه أخطأ ثم خرج من مكمنه فاعترضته صخرة فضرب بالقوس عليها حتى كسرها  .

ثم قال أبيت ليلتي ثم آتي أهلي .

فبات فلما أصبح رأى خمسة حمر مصروعة ورأى أسهمه مضرجة بالدم ، فندم على ما صنع وعض على أنامله حتى قطعها وقال :

ندمت ندامة لو أن نفسي ... تطاوعني إذا لقتلت نفسي

عدت ورأيت الإعلانات تملأ الفيس بوك كاسة ، صحن ،ملعقة، طنجرة ،الخ للبيع عادت دودة العدوى تنخر في رأسي ماذا أبيع يترى!

قررت أن أبيع المكان كله بكل ما يحتويه :

كراسي ،رفاق ، قرارات إلخ للبيع

إن بعت الرفاق (بين قوسين) لن أندم ندامة الكسعي بل سأرقص رقصة زوربا،  لكن لا أظن أحدا يشتري (الهم )عن قلب صاحبه .

تم عمل هذا الموقع بواسطة