الانتكاسات الأخلاقية عندما تتوالى تتغير المفاهيم سلباً وإيجاباً… يكون للمفاهيم فقه ودلالات ومتى ما ذكر الرجال في الزمن غير الممسوخ أخلاقيا ومتقزم الأفعال ومتورم الذات هم أولئك الناس الذين لم يتربوا إلا في ظلال العقائد الراسخة، والفضائل الثابتة، والأخلاق القيمة فكلمة رجل لا تحتاج إضافه لتعرف هي إشارة لقيمه عليا مطلقة وليس مجازية ، فالرجال هم أولئك الذين علموا اليقين أن أي أمة لا تتغير إلا بتغيير الذات الجماعية تتشكل بمتغيرات التربية والتصفية والتنشئة فتكون تغيراً إيجابياً
ومن هنا ركز الإسلام على بناء الإنسان قبل بناء البنيان في مجلس ضم كثير من الصحابة وفيهم عمر بن الخطاب تمنوا فتمنى ،أحدهم ذهبا والآخر تمنى فضة والآخر غنماً، وغيره جواري، فقالوا لا ندري أمير المؤمنين ماذا يتمنى…
فقال :
لكني أتمنى رجالاً مثل أبي عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل
وكان رض عندما يرى رجلاً لا يعجبه يقول يا سبحان الله خالق هذا وخالق عمر بن العاص إله واحد…
بغض النظر عما شوه من تاريخ هذا الصاحبي الجليل
فإنه عمر بن العاص وكفى……
هكذا كلما أشيرت كلمة رجل تعني القيم العليا والفضائل في الأعمال بما اتفق عليه العقلاء…
لكن المفاهيم عبر العصور تتغير سمو وانتكاس
على حسب قاعدة الذي تنبٲ في عهد في عهد المٲمون فجيئ به فقال له المأمون:
إنك نبي سفلة،
فقال:
يا أمير المؤمنين . كل نبي يبعث على شاكلة قومه…في حالة الانتكاسة تصبح المفاهيم دائماً مقلوبة وتعطى بعدها الخارجي وبعدها الداخلي، ولذلك تصبح القوة هي القوة الخارجية والرجولة هي الاقتصار على القيم المنكوسة ، فانقلاب المفاهيم يذكرنا بعبد الرحمن الكواكبي والقيم الممسوخة، في زمن الانهيارات تقلب المفاهيم وتأخذ عكس مضامينها؛ تصبح الشجاعة تهور، يصبح الجبن تعقل، يصبح الكذب حكمة، يصبح الحيل ذكاء، والتصاغر أدبا . والتذلل لطفا، والتملق فصاحة، وقبول الإهانة تواضع، والرضا بالظلم طاعه، والشهامة شراسة ، وحريه الفكر كفر نحن اليوم في زمن الإنهيارات فليس من العجب أن يلحق هذا الانهيار مفاهيم الرجولة .والاشتراك في الصفات هذه قضية حتى لا شك أنه هناك فوارق يعني في تكوين الطبيعة ولكنها فوارق جميلة، ولما تكون الرجولة سمات عليا تشترك المراة في تلك الفضائل الإنسانية بما يناسب دورها الإنساني الذي منحه الله لـٍهآ…
فالقياسات في الخريطة الجغرافية والتضاريس الجسدية هي تضع الدلالة لمفهوم الذكورية والأنوثة والتي تشترك مع الإنسان الكائنات الأخرى لكن عندما نتحدث عن الرجولة في زمن الشموخ هي غيرها في زمن الانتكاسة التي تسربلت في المجتمع….!
ومن الأمور المتسربلة
إنّ الإصابة بأمراض حب الشهرة والظهور وتقليد المشاهير واتباع فئة بعينها دون غيرها من شرائح المجتمعات خاصة أنها تكون قدوه وهميه وهذه بحد ذاتها من الأمراض الاجتماعية المتسربلة وقد تحولت عيادات طب التجميل إلى خير دليل على هذا الأمر حيث بات التقليد أمراً ضرورياً ليس للنساء حسب بل وشمل الشباب الذي بني أمجاده الذاتية على الاستهلاك الإعلاني…. ومنها
إرتفاع تورم التقدير الذاتي إن صح التعبير
من حب الشهرة والظهور وعلاقته بالآخرين من طبيعة النفس البشرية ولا اعتراض على ذلك، وهذا متوقع ولكن المشكلة أن يصل الحال إلى كونه ظاهرة في النفس البشرية يؤدي إلى التباهي والمغالاة وتحقير الآخرين وازدرائهم، فعند ذلك يصبح مرضاً مستفحلاً في النفس وخصوصاً أن في مجتمعنا العشائري من أحفاد مرض الشهرة
إنتشار داء (الاستشياخ) خصوصا أن المسالة أصبحت غير مكلفة مجرد رأس مال بسيط وعمل وليمه لذوي الشأن الاجتماعي ومسؤولي دوله فقط.. بدون أي التزام أخلاقي لما تعنيه كلمة (شيخ) فالشيخة كانت التزام أخلاقي على جميع الأصعدة من سدادة رأي وجزالة موقف وقدره على العطاء لأفراد العشيرة
فداء الاستشياخ ينظر بمنظار آخر على أن الشيخة هي فنطزة كارتونية ودفع ضريبه واحتفاليه ببيان ولادة الشيخ الجديد الذي كثر لنسمع تتوالى عظمة الألقاب.. وتصغر الافعال…
فأصبحت كقول الشاعر العربي…
هزلت فبان من هزالها كلاها وسامها كل مفلس.
فالشيخ لا ينصب ولا يعين إنما هي نعمة من الله تمنح للشخص الذي يقوم بخدمة ورعاية وصون وحفظ أهل عشيرته
ويحظى برضاها
وأوضح ومع هذا كله فإن حب الشهرة داءٌ يفتك بصحابه قبل أن يفتك بغيره؛ حيث يقول الفضيل بن عياض “إنه ما أحب احدٌ الشهرة والرياسة إلا حَسد وبَغى وتتبع عيوب الناس وكره أن يذكر أحدٌ بخير”، ويقول سفيان الثوري ” إياك أن تكون ممن يحب أن يعمل بقوله أو ينشر قوله أو يسمع قوله ، وإياك وحب الشهرة ؛ فإن الرجل يكون حب الشهرة أحب إليه من الذهب والفضة، وهو بابٌ غامضٌ لا يبصره إلا البصير من…
إنقلبت مفاهيم الجوهرية للرجولة فانتكست الصفات معها في زمن انقلاب المفاهيم ونحن بأشد الحاجه للتنمية البشرية التي تقوم بزرع تلك القيم الحقيقية التي تتسامى بها الروح وفق تربيه تكامليه بين المدرسة بمدرسيها المعدين إعداداً جيداً بمساندة الأسرة خصوصاً أن الأسرة تزرع اللبنة الأولى وبالتالي يتشكل الوعي الجماعي بطريقة قلب طاولة الجهل فكل تقدم في التاريخ يرافقه ثبات أخلاقي وكل تراجع تاريخي يرافقه انهزام أخلاقي.