تأخذنا أرواحنا إلى أماكن بعيدة، حيث ترسو سفن التيه على شاطئ اللاحزن ونتذكر أيامنا التي لا لايكدر صفونا فيها شيء، ونحن نفترش كهوف الذاكرة تمنيت أن تقف عجلة الزمن عند أسعد أيامنا، فتجرني أمواج الحنين لبساط أحلامنا لذكريات الطفولة المليئة بالبراءة والنقاء.

لاشك أنها تأتينا لحظات يأخذنا فيها الحنين إلى الماضي فنَحِن ُّلأيام الطفولة.. نشتاق لإحساس لا إرادي بالسعادة يكمن بداخلنا.. نشتاق لابتسامتنا وشقاوتنا، التي كانت شعارنا. نشتاق لأيام كانت أحاسيسنا فيها صادقة بعيدة عن الزيف والنفاق .. كنا لا نعرف الألم ونظنه فقط يأتي عندما نسقط أرضا ونحن نجري وراء أحلامنا.. كبرنا وعرفنا أن هناك آلاماً أعمق من سقوط أحدنا أرضاً.

 كنا ننتظر العيد لنقلد الكبار من يلبس عقال ومن يتسلح بخنجر خاله أو سيف عمه وكنت من بين أصدقائي كأني بهلول لأني خارج القياس نحيف طويل… نجمع التمر بأكياس المفصلة من الخام المتهرئ لأن لم تصلنا الحضارة البلاستيكية عند قبور الموتى ثم نفتر على المنازل بيت بيت وكانت ديدن الكبار يعتبروها سنة أن تعيد الجميع لاتبقي أحد وعندما نتعب نستريح ببيت أحدهم أو نستأنف العمل بعد الظهر وللبنات بروتوكول اجتماعي خاص بهن يقمن الدبكات وكنا نطاردهن لنحظ بقبلة من إحداهن غصباً عنها حيث هناك قاعده اجتماعية في مجتمعنا (حبة عيد مابيها مناجيد) وبعدها يكون ولائم العيد أما ذبائح أو السمن الحر الشرابي بالتمر صينيه كبيرة والتمر كأنه جزرة بوسط بحيرة السمن تنتابها أطواف الرجال وبعدها لنا الأصغر السرا

وغالباً ما تكون أغلب التجمعات في بيت الحوان أو ربعة الحجاجي أو خوالي الحسين ..وفي الصيف أعياد جمع التبن وال( گراطة) لتنعيم بقايا الزرع وكان همنا نجتمع عند هذا وذاك قيام ليل كانه تسبيح وتهليل واستمرت العفوية الى 2003 لم توجد في الجزرونية سيارة أجرة لا يترك صاحب السيارة الخارج من القريه من يجده أمامه بلا منه أما الخاثر والشنينة والزبدة خصوصا الخاثر لا يباع منه شيء يوزع على من لم يكن عنده منيحه… لا أدري كيف تشيطن الوضع وانقلبت الآية فأخذ الحليب يباع والسيارة أجره برغم أن هناك الكثير من عطر الماضي بقي عليه…  حلمنا بأحلام شيطانية أن نكبر لا أدري لماذا؟

كم تمينا أن نكون كباراً  فكبرنا  ونتمنى أن نعود صغاراً ونتمنى أن نعود زماننا الذي مزقتها أنياب كلابه  وبانت عضاته في أجسامنا كم حاولت أن أوقف عجلة الزمن أو أسرق لحظة حب وأجمدها مع إحد الأحبة من أيام الطفولة

 حاولت حاولت والله العظيم حاولت؟؟؟؟

لكي لا نفترق نحن الأحبة على جسر الألم ونحن منذ الطفولة نلثق ببعضنا حباً سرمدياً لا زال يشع مسكه نوراً رغم تعثر الأيام بنا.. 

هذا زمان التيه وسيادة السفسطة وفناء اليقين، والفطن من تمسّك ببوصلة اليقين التي تبقيه ثابتاً واثقاً..

تزداد الحياة شيطنة وتعقيداً يوماً بعد يوم، وتدفن قيمنا وعلاقاتنا الاجتماعية لهذه العفرتة التي امتزجت بكل شياطين أللا بركة.. هذا يعني أن  الذي نحن فيه أفضل مما كنا علميا وتكنولوجياً، فهو أسوأ بكثير فيما يتعلق ببراءة وعفوية هويتنا والأصالة والقيم الذي كنا نتربى عليها ولذا نحن بحاجة ماسة أن لا نكون شهود زور على ضياع مواطن الإضاءة في حياتنا ؟؟؟؟

 وها هي أودية السنين ظهرت في الجباه؟؟ الجزرونية ملعب الصبا الذي (شُّنِقَتْ) براءتها ونحن لا ندري كيف شنقت كيف كيف. والله لا أدري؟



تم عمل هذا الموقع بواسطة