قرات في كتاب مهزلة العقل البشري للعلامة الوردي ما خلاصته أن كل شي يزرع زراعة فينا… لا حجة لنا فيه… مصداقاً لقول الشاعر:
هي الأخلاق تنبت كالنبات إذا سقيت بماء المكرمات… فأصبحت ثقافتنا ثقافة تفضيل جدي أفضل من جدك وأبي أفضل من أبيك
٠وأنا خيرٌ منك وبيتي خيرٌ من بيتك وحذائي أفضل من حذاءك وكلبنا أفضل من كلبكم
صغرت همتنا فصغر مطلبنا…تحضرني حادثه أمام عيني تشاجر أخوة من أم وأب فما كان من أحدهم إلا أن يشتم الآخر ويقول أنت طالع على أبوك راعي وأبوي شيخ… لا أدري فايروس المشيخة الفتاك من أين أصابنا وخلق لنا قدوات وهمية..
عندما يقدم أحدنا مأدبة يقطعها من فم أطفاله بحثاً عن شهرة هي فضيلة لأجل رذيلة الشهرة… فتراه يتيه ويأخذه العجب يتلفت يمنة ويسرى لحجم البيضة التي باضها…
(فتح له مثل سم الخياط فملأ الدنيا عياط)
.زرعت زرع فينا فكنا أصاغر بأفعالنا بطموحنا… فكانوا كباراً يفرون من الشهرة كفرارهم من الأجسد…
جاء رجل يقال له حمزة بن دهقان لبشر الحافي العابد الزاهد المعروف، فقال أحب أن أخلوا معك يوماً، فقال: لا بأس تُحدد يوماً لذلك، يقول فدخلت عليه يوماً دون أن يشعر فرأيته قد دخل قبة فصلى فيها أربع ركعات لا أحسن أن أصلي مثلها فسمعته يقول في سجوده" اللهم إنك تعلم فوق عرشك أن الذل -يقصد بالذل عدم الشهرة- أحب إلي من الشرف.. اللهم إنك تعلم فوق عرشك أن الفقر أحب إليَّ من الغنى.. اللهم إنك تعلم فوق عرشك أني لا أُوثر على حبك شيئاً" يقول فلما سمعته أخذني الشهيق والبكاء، فقال : "اللهم إنك تعلم أني لو أعلم أن هذا هنا ما تكلمت بهذا الكلام..
فتعدى استعلائنا على القرابة وعلى الصديق والقريب والجار… أنظر لقيم الأكابر…
حاتم الطائي وأوس بن حارثة الطائي في ضيافة ملك المناذرة.. ولاحظوا ماذا جرى؟!! 👇🏼عمر بن هند ملك المناذرة يسأل أوس الطائي… قال; لأوس بن حارثة الطائي أيكم أفضل أنت أم حاتم؟
فقال أوس.
إن حاتماً أوحدها وأنا أحدها. ولو ملكني حاتمًا حاتم
ا وولدي ولحمتي لوهبنا في غداة واحدة..
مصداقاً لقول المتنبي عندما قال لسيف الدولة الحمداني:
خفت إن صرت في يمينك أن تأخذني في هباتك الأقوام…
أما حاتمًا فقال له عمر ما تقول في أوس يا حاتم؟:
…فقال له أبيت اللعنة فلقد ذكرت أوساً ولو ذكرت أحد ولده أفضل مني … جمله من القيم الذي نشأ عليها هولاء يتبارون فيها
بدل ما تستوقفني أبكتني….